في عالمنا الرقمي السريع، هل تعلم أن الإجهاد الذي تشعر به قد يجعلك هدفًا سهلًا للمهاجمين السيبرانيين؟ بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يوافق يوم 10 من أكتوبر من كل عام، كشفت كاسبرسكي عن صلة قوية بين الإجهاد الرقمي وزيادة التعرض للهجمات السيبرانية.
ففي ظل التطور المتسارع للتكنولوجيا الرقمية واعتماد الشركات بنحو كبير على البيانات، يواجه الموظفون ضغوطًا متزايدة تنتج عن تدفق مستمر من الإشعارات والحاجة إلى اتخاذ عدد كبير من القرارات على مدار اليوم، ومع أن التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي تساعد في إنجاز المزيد من المهام وتحسين الكفاءة، لكنها تزيد أيضًا من ضغوط العمل.
وتحذر كاسبرسكي من أن يؤدي ذلك إلى الإجهاد الرقمي الذي لا يقتصر تأثيره على تقليل رفاهية الموظف وإنتاجيته فحسب، بل يشمل تعريض الشركة لمجموعة من التهديدات السيبرانية، بداية من التصيد الاحتيالي ووصولًا إلى التزييف العميق.
وتعليقًا على ذلك، قال براندون مولر، الخبير الفني في كاسبرسكي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا: “يواجه الموظفون مئات القرارات يوميًا، بداية من الخيارات الصغيرة والروتينية وانتهاءً بقرارات الأعمال الحاسمة. وعاجلًا أم آجلًا، تنخفض قدرة الدماغ على إصدار أحكام سليمة في ظل استمرار الضغط طوال الوقت. إذ يؤدي التدفق المستمر لرسائل البريد الإلكتروني، والرسائل، والتنبيهات إلى تفاقم هذا الإجهاد الرقمي”.
أظهر بحث أجراه موقع (Forbes Advisor) أن الاتصالات الرقمية تجعل نسبة تبلغ 58% من الموظفين يشعرون بالحاجة إلى أن يكونوا متاحين أكثر. ويؤدي ذلك إلى شعور نسبة تبلغ 60% من القوى العاملة بإجهاد متزايد.
وتضيف الحاجة المستمرة إلى البقاء عبر الإنترنت وتعدد المهام المزيد من الإجهاد في هذه البيئة العالية الضغط، مما يجعل الموظفين أكثر عرضة للأخطاء.
كما أظهرت الأبحاث أن الموظفين الذين يعانون الإجهاد الرقمي يكونون أكثر عرضة للوقوع ضحية للهجمات السيبرانية، وذلك بسبب:
ما يزال التصيد الاحتيالي أحد أكثر أشكال الجرائم السيبرانية انتشارًا، ومن المرجح أن يغفل الموظفون الذين يعانون الإجهاد عن علامات التحذير الظاهرة في رسالة البريد الإلكتروني التصيدية، خاصة عندما تظهر تلك العلامات في رسالة واحدة بين فيض الرسائل التي تتدفق إلى صناديق الوارد، ويتزامن مع ذلك تزايد تعقيد حملات التصيد الاحتيالي مقارنة بأي وقت مضى.
وقد صُممت هذه الهجمات لتستخدم مصادر مشروعة كستار لخداع الموظفين ليكشفوا معلومات حساسة، مثل: بيانات تسجيل الدخول أو البيانات المالية. في حين تأتي هجمات التصيد الاحتيالي بأشكال مختلفة، تستهدف معظمها في الواقع أنظمة البريد الإلكتروني الخاصة بالشركات بسبب ما تحتويه من معلومات قيمة، مما يجعلها أهدافًا رئيسية للاستغلال.
أدي تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى سهولة إنشاء محتوى صوتي أو مرئي مزيف بصورة واقعية وهو ما يُعرف باسم (التزييف العميق) Deepfake، وقد وصل هذا التطور إلى المرحلة التي يمكن خلالها تطبيق التزييف خلال بث الفيديو المباشر مع الوصول إلى صورة واقعية يصعب معها على الناس التفريق بين الحقيقي والمزيف.
ويشكل التزييف العميق تهديدًا متزايدًا للشركات، إذ يمكن للمجرمين استغلاله للانتحال والاحتيال. وفي ظل الإجهاد الرقمي الذي يعانيه الموظفون، يصبحون أكثر عرضة للوقوع ضحية لهذه الهجمات، مما قد يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة وتسريب معلومات حساسة.
وقد كشفت واقعة الاحتيال التي تعرضت لها شركة في هونج كونج، والتي نتج عنها خسائر تقدر بـ 25.6 مليون دولار أمريكي، عن مدى قدرة هذه التقنية على التلاعب بالبشر والتحايل عليهم، إذ استخدم المحتالون نسخًا رقمية واقعية للمدير المالي للشركة وبعض الموظفين، ليظهروا في مكالمة فيديو وهم يأمرون موظفًا بتحويل الأموال بشكل مباشر.
تشمل التهديدات الأخرى التي يزيد الإجهاد الرقمي من خطورتها تثبيت برمجيات خبيثة عن طريق الخطأ، أو فتح مرفقات مشبوهة، أو إدخال بيانات حساسة في مواقع وهمية.
ولكن إذا وجدت حلول أمن سيبراني قوية للمساعدة في تحديد التهديدات وتصفيتها، بجانب وجود موظفين متعلمين ومتيقظين، ستكون المؤسسات في وضع أكثر أمانًا.
هناك العديد من الإجراءات الاستباقية التي يمكن للمؤسسات اعتمادها للمساعدة في تقليل العبء المعرفي على موظفيها، وتشمل:
ويقول مولر: “لن تختفي متطلبات العمل الرقمي. لكن يمكن للمؤسسات اتخاذ خطوات جدية لدعم موظفيها، مع الاستمرار بحماية أعمالها من التهديدات السيبرانية. ومن خلال معالجة الأسباب الجذرية للإجهاد الرقمي، يمكن للشركات تقليل مخاطر التصيد الاحتيالي، والتزييف العميق، وسواها من الهجمات الإلكترونية المعقدة الناجحة”.